Saturday, December 24, 2016

طريق موسكو لإخماد نيران الحرب السورية

برهان غليون

Link

ليس هناك صورة تعبر عن مأساة الحرب السورية أفضل من المفارقة التي أظهرت سعادة النازحين، لحظة خروجهم من حصار الجوع والموت، بينما كانوا على طريق الموت الآخر الذي ينتظرهم في مخيمات التشرد واللجوء وعواصف الثلج على حدود بلدهم. أمام هذا المشهد، تظهر محدودية ما حصل في الأيام الأخيرة من "مكتسبات"، سواء أتجسد في اتفاق وقف إطلاق النار، أو إعلان موسكو الذي يشير إلى بداية تفاهم روسي تركي إيراني، أو تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على آليةٍ لتوثيق جرائم الحرب وملاحقة المسؤولين عنها. ومع ذلك، ما من شك في أن هذه المكتسبات الصغيرة بدأت تثير آمال سوريين كثيرين سئموا الموت، وأصبحوا، مثل إخوانهم الذين وجدوا أنفسهم فرحين بخروجهم من تحت الحصار والقصف، مع معرفة ما ينتظرهم في حياة التشرّد من عذاب وضياع، كالمستجير من الرمضاء بالنار. فهل تنجح موسكو في إخماد نيران الحرب التي ساهمت في تمديد أجلها، وتحصد ثمار جهودها، أم سوف تغرق في وحولها، كما يتمنى لها منافسوها، ليس في الغرب فحسب، ولكن في منطقة الشرق الأوسط أيضا؟ 

سورية بين التسوية الروسية والحرب الدائمة الإيرانية 
نجحت موسكو في فرض نفسها على جميع الأطراف المنافسة لها في سورية، وهي تتصرّف تجاههم، كما لو كانت قوة انتداب رسمية حاصلة على تفويض دولي لإدارة الأزمة السورية، وإيجاد مخرج لها. وقد عزّز موقفها في الأشهر الأخيرة نجاحها في إسقاط حلب بالتاكيد، لكن أيضاً، من طرف آخر إجبار حليفها الايراني على قبول وقف النار وفتح المعابر للنازحين، وتمريرها يوم 19 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري قرار مجلس الأمن القاضي بإرسال قوات مراقبة دولية إلى حلب، وإعلانها أخيراً عما يشبه خطة طريق، حتى لو كانت تبسيطية، لإطلاق عملية مفاوضاتٍ تبدأ بوقف شاملٍ لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، قبل إطلاق مفاوضاتٍ تهدف إلى التوصل إلى تسويةٍ سياسية في ظل بقاء الأسد ومشاركة المعارضة، في إطار تعديلٍ متفق عليه للدستور وإصلاح تدريجي في بنية السلطة وأساليب الحكم. 
على الرغم من تواضعه، يتعارض هذا المشروع، مع مخططات طهران بشكل قاطع. فليس 

لطهران أي مصلحةٍ بوقف الحرب السورية. وبينما تريد موسكو استثمار سقوط حلب لتعزيز فرص إيقاف الحرب، تطمح طهران إلى تحويل سقوط حلب إلى فرصة لانقلابٍ شاملٍ في علاقتها بسورية والمنطقة، وتحويل سورية إلى عراقٍ ثانٍ تتحكّم به مليشياتها وحرسها الثوري. وهذا ما أكّده سعي هذه المليشيات، حتى اللحظة الأخيرة، إلى تعطيل الاتفاق في حلب، على أمل إفشال الخطط الروسية بأكملها. ما حدا بموسكو إلى مراجعة خططها، ودعوة طهران إلى لقاء ثلاثي بحضور أنقرة، ومع استبعاد الأطراف الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، الطرف العربي الرئيسي المنخرط منذ البداية في المسألة السورية. 
مشكلة طهران أنها، وهي الطرف الذي استثمر أكثر من أي طرف آخر في الحرب ضد الثورة السورية، وبذل المال والسلاح، وخسر سياسياً وأخلاقياً كما لم تخسر أي دولة أخرى، لا تزال بعد مرور ست سنوات على الحرب الطرف الأكثر افتقاراً من أي طرف آخر متورّط فيها لقاعدةٍ قانونية أو سياسيةٍ، تضمن لها الحفاظ على نفوذها وتوسيعه في المستقبل. رهانها الوحيد هو على توسيع دائرة قاعدتها الطائفية أو المذهبية، وهذا ما لا يزال يحتاج إلى عمل وتحضيرات طويلة. لذلك، تشعر طهران أن دخول النظام السوري، أو إدخاله، في المفاوضات الآن، وبرعاية روسية يصعب تحدّيها، يجري على حسابها، وهو يهدّد بأن يسحب منها القرار السوري الداخلي، ويهدر استثماراتها الطويلة، ويدين سياسة المرشد الأعلى السورية بالفشل والإفلاس السياسي والأخلاقي الذي لا يعادله سوى الإفلاس الذي عرفته سياسة ألمانيا النازية المجنونة في الحرب العالمية الثانية. 
لذلك، ليس لطهران، التي تراهن على إبقاء سورية جزءا عضويا من إمبرطوريتها، بعد تمويل حربٍ وحشيةٍ لكسر إرادة شعبها، خيار أفضل من استمرار الحرب، وتوسيع دائرة الفوضى والخراب، كما هو الحال في العراق، حتى تحصل على الوقت الضروري لبناء قواعد نفوذها، سواء بتغيير النسيج السكاني جزئياً، أو بالتحكّم بمؤسسات الدولة وأجهزتها، على مستوى أوسع مما حققته حتى الآن. وهي تراهن من أجل البقاء في سورية، وإبقائها رهينةً لها، على تجنيد مجموعاتٍ مرتبطة بها، مذهبياً واجتماعيا، مستفيدةً من الأقليات المذهبية المحلية القريبة منها، ومن الجاليات الجديدة التي تريد توطينها في المواقع الاستراتيجية حول حلب ودمشق وحمص، كما تراهن على التعطيل المديد لعمل الدولة، وإلغاء أي احتمالٍ لإعادة بنائها، في ما يشبه نموذج عمل الحركة الحوثية في اليمن، ما يفتح أمامها إمكانية العمل بهدوء وحرية على تغيير الوقائع الاجتماعية والديمغرافية والمذهببية. 
لم تكن التسوية السياسية، أو وقف النار، هما ما كانت تنتظره طهران من سقوط حلب أو 

إسقاطها، وإنما تكريس الانتصار الكامل، وإلغاء فكرة التسوية نفسها التي لا ترى مكاناً لها مع معارضةٍ تصف جميع منتسبيها بالإرهابيين، وفي أحسن الأحوال، بالصهيو أميركيين. ومهما حاولت موسكو أن تطمئنها، ستظل طهران تشعر بأن القوة الروسية التي أنقذت مشروعها من الهزيمة، عندما تدخلت عسكرياً لصالحها وصالح الأسد عام 2015، هي التي تسرق الانتصار منها، وتحرمها من رسملة استثماراتها وتحول بينها وابتلاع فريستها المستحقة، كما كانت تنتظر بثقةٍ كاملة. تشعر طهران، من دون شك، كما لو أن موسكو، بقصد أو من دون قصد، تحاول أن تخطف اللقمة من فمها. وما يؤرقها أكثر أن الوقت يداهمها، ولم يعد لديها فرصٌ كثيرةٌ للمناورة قبل قدوم الإدارة الجديدة، التي يتميز عديدون من شخصياتها، إن لم يكن معظمهم، بمعاداتهم الشديدة سياسات النظام الإيراني. ومن المفترض أن يعزّز التفاهم الأميركي الروسي المحتمل موقف موسكو، ويجعلها أكثر قدرةً على الوقوف في وجه المشاريع الإيرانية في سورية. 
هناك أكثر من عاملٍ يدعو إلى التصادم بين السياستين، الروسية والإيرانية، في سورية. أولها اختلاف الأجندات. فبينما تعتقد موسكو أنها في أفضل وضع لحصاد ما زرعته، وإن أي إضاعةٍ للوقت يهدّد مكاسبها، تشعر طهران بأنها بالكاد انتهت من نصب الفخ للطريدة، فكل ما فعلته، في السنوات السابقة، كان تمهيداً لحل عرى المجتمع وتفكيكه وتدمير الدولة. والآن، جاء أوان الزرع ووضع البذار، أي العمل على شرعنة المليشيات، وتشييع جزءٍ من المشرّدين والمحتاجين وقلب المجتمع رأساً على عقب. ولذلك، هي بحاجة إلى أكثر ما يمكن من الوقت لتحقيق أهدافها وتكريس مكاسبها. وثانيها الهدف، فبينما تنتظر روسيا من مناورتها السورية تغيير نوعية علاقتها المختلة مع الغرب، وإعادة موضعة نفسها قوةً أو قطباً رئيسياً في صياغة أجندة السياسة الدولية. وبالتالي، اكتساب اعتراف الغرب وشراكته. وتريد أن تنجح في تقديم نفسها دولةً قادرةً على المساهمة في حل الأزمات الدولية. وتنظر إيران إلى سورية فريسة تريد ابتلاعها، لتكبير نفسها وتعظيم قوتها وتحسين فرص صراعها الوجودي مع الغرب في المشرق وفي ما وراءه. وثالثها الاستراتيجية. فما تطمح إليه موسكو هو استخدام نجاحها في سورية، بحسم الحرب عسكرياً أو ما يشبه حسمها لصالح النظام، ودفع الأطراف إلى القدوم إلى طاولة المفاوضات، وربما التوصل إلى تسويةٍ تنهي الثورة والنزاع معا، إلى إعادة بناء الدولة التي أصبحت أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ لها خارج روسيا، وتأمين إدارتها السياسية. وتراهن ايران، بالعكس، على خراب سورية والشرق الأوسط بأكمله، ونشر الفوضى والفراغ الاستراتيجي فيه، لترويع الغرب وتهديده وانتزاع اعترافه بنظامها ومكتسباتها، وهيمنتها الإقليمية. 

مأزق الاحتلال الإيراني 
لا يعني هذا أن التحالف الروسي الإيراني مهدّد بالتفكّك، فليس هناك أي مصلحة لطهران أو 

موسكو في إنهاء تحالفهما المفيد من نواحٍ عديدة أخرى. فموسكو لاتزال تحتاج إلى القوة البرية الإيرانية لإحكام قبضتها على سورية، تماما كما تحتاج طهران إلى المظلة الجوية والسياسية الروسية، للتمكّن من البقاء، وترسيخ حضورها في سورية الآن، وفي أي تسوية قادمة. لكن الحفاظ على التحالف أو السعي للحفاظ عليه لا يلغي الخلاف في المصالح، ولا يعني انتفاء التنازع على الأولويات. وهذا هو الحال في ما يتعلق بتصوّر صيغة الخروج من الحرب المدمرة السورية والمهدّدة لجميع الأطراف، باستثناء طهران التي تحرّك الخيوط من بعيد، وتراهن على قوى محلية وإقليمية أكثر مما تزجّ نفسها في المعارك اليومية. ولا علاقة لما تخشاه طهران بروسيا، أو بمصالحها المباشرة مع روسيا، ولكن بمشروع روسيا في سورية. فمصلحة روسيا تقتضي التوصل إلى حل سياسي للازمة، أو على الأقل إظهار قدرتها وإرادتها على إيجاده، يعزّز ما تطمح إلى تكريسه دوراً إقليمياً ودولياً، ويضاعف نفوذها في المشرق وفي دول الخليج العربي أيضاً، ولا مصلحة لها بالاصطفاف وراء إيران أو الالتصاق بها. وهذا يتطلب منها أن لا تسمح لطهران بأن تكون الرابح الأول أو الأكبر في سورية، بل أن تسعى، بالعكس، إلى الحد ما أمكن من أطماعها للحفاظ على علاقاتها الإقليمية، واكتساب موقع الدولة العالمية. 
في المقابل، تطمح طهران إلى أن تحول نهاية المواجهة في سورية انتصاراً تاريخياً على الغرب من خلال انتصارها على العرب ودول المنطقة القريبة منه أو المحسوبة عليه، وأن تجعل من إلحاقها سورية بها غنيمة حرب، تحتكر فيها وحدها النفوذ والسيطرة والقرار. سورية المحرّرة من شعبها الثائر هي، في نظر طهران الخامنئية، خط دفاع استراتيجي عن أمن إيران القومي، لا يهم من يسكنها، وما مصير شعبها، تماماً كما هو الحال في العراق ولبنان. 
بعبارةٍ أخرى، يستند نجاح موسكو، في تحقيق أهدافها في الاعتراف الإقليمي والدولي بها، قوةً عالميةً إيجابية، وترسيخ وجودها، ليس في سورية فحسب، وإنما في المشرق والشرق الأوسط كله، بوصفها قوة استقرار وأمن وسلام، يمكن الاعتماد عليها، والارتقاء بنفسها إلى مصافّ الدولة العالمية الحضور، كما كانت في العهد السوفييتي السابق، على قدرتها على وقف الحرب. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تسويةٍ سياسية، وتفاهمٍ بين السوريين، حتى لو ربحت عسكرياً. فالنظام السوري لم يعد موجودا بالفعل، ولا بد من إيجاد بديلٍ له، والطغمة التي قادت الدولة إلى الهلاك لا يمكن أن تكون هي نفسها البديل، ولا سبيل لتحقيق الحد الأدنى من التفاهم السوري السوري من دون إجراء تعديلاتٍ دستوريةٍ وإصلاحات سياسية ومشاركة لجميع الأطراف في الحكم الجديد. أما طهران التي تعرف أن نظام الأسد قد انهار وتفكّك، ولم يبق منه شيء، فهي تريد أن تعد نفسها ومليشياتها لتكون النظام الوريث، أي أن تبني نظاماً يستند كليا إليها، وتحرّكه روح التبشير المذهبي والعداء لشعوب الإقليم ذاته الذي يحرّكها، وهي لا تتمسك بالأسد إلا قناعاً تخفي به نظام الاستعمار والإحلال الحقيقي الذي تسعى إلى إقامته بديلاً لنظامه . 
من هنا، يبدو لي أن من الصعب أن تتجنب طهران الصدام مع ما لا ينبغي وصفه بأكثر من  

مشروع التهدئة الروسية في سورية، ما لم تقبل بتخفيض سقف توقعاتها وإعادة تعريف مصالحها وأهدافها التي دفعتها إلى غزو سورية، تحت قناع الدفاع عن نظام الأسد، أو النجاح في إثارة نزاعات أو صراعات جانبية، وربما مع تركيا بشكل رئيسي، لإجهاض العملية السياسية. وهي لم تصرّ على حضور اللقاء الثلاثي في موسكو، وتوقع على بيانه، إلا كي تتمكّن من الانقضاض عليه في مرحلة تالية وتعطيل أي تسوية سورية. 
على الرغم من شراكتها الكاملة في تحطيم آمال السوريين، ومن تواطؤها مع الأسد وطهران، لحرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم، أي من الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال، ما زال من الممكن لموسكو أن تلعب دوراً في مساعدة السوريين على الخروج من المحنة. ولا يمكن أن يتجسّد هذا الدور في المساهمة في التغيير السياسي، وبناء النظام الجديد الديمقراطي الذي ينشده السوريون، فهو ليس من أهدافها، ولا من أولوياتها، وليست قادرة عليه، وإنما في العمل على وضع حدٍّ للحرب التي كانت طهران، ولا تزال، الواقد الرئيسي والأول في نارها. 
ساهمت كل الأطراف التي انخرطت في الأزمة السورية، بشكل أو آخر، في إطالة معاناة السوريين، بعضها بسبب تآمره، وبعضها بسبب تجاهله وتخاذله، وبعضها بسبب أخطائه وسوء إدارته وبعضها لقلة حيلته، وبعضها، كما هو الحال بالنسبة للمعارضة السورية، لضعف تنظيمه وانقسامه وتنازعه. لكن، ما كان لهذه المأساة أن تصل إلى ما وصلت إليه من الوحشية وزرع الشر والدمار، ولا أن تدوم هذه السنوات الطويلة، من دون إرادة الهيمنة المرضية التي تتغذّى من مشاعر التفوق العنصري، وروح الانتقام من العرب والغرب التي تحرّك النخبة التيوقراطية الإيرانية الحاكمة اليوم. ولا أعتقد أن من الممكن إنقاذ المشرق من محنة الحرب الدائمة التي تدفعه إليها طهران من دون لجم هذه الإرادة، ووضع حد لنظام السلطة الأبوية والبابوية "الصليبية" التي تخضع لها الدولة الايرانية، والتي تفرض على الشعب الإيراني الضحية طريقاً واحداً لتحقيق ذاته وتطلعاته: هو طريق الحرب والتوسع والجهاد الطائفي. ما تطمح إليه طهران الخامنئية، باسم نشر الثورة الإسلامية، هو فتح مضاد يلغي نتائج الفتوح العربية الإسلامية، ويعيد إلى الامبرطورية البائدة مجدها وهيمنتها. لكن، لن تكون عواقب هذه السياسة، في نهاية المطاف، سوى انهيار إيران وخراب الإسلام دينا ودنيا في الوقت نفسه. 
هل تنجح موسكو في كبح جماح الهيمنة الإيرانية، واحتواء وحش التوسعية القومية والمذهبية المتعطش لمزيدٍ من الدماء والعظمة والانتصارات؟ 
في الإجابة الإيجابية عن السؤال تكمن مهمة روسيا التاريخية وفرصة موسكو الوحيدة للنجاح في وضع نهايةٍ للحرب السورية، وللحروب العديدة الأخرى التي ولدت من صلبها، وعلى هامشها، بما فيها الحروب الداعشية، وهذا بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي الذي سوف ينجم عن السلام. 


بعد حلب... أزمة المنظور الروسي في سورية

سلامة كيلة

A VERY GOOD PIECE

بعد حلب... أزمة المنظور الروسي في سورية
Link

يتوضّح أكثر بعد معركة حلب أن روسيا تسير في خيار الحسم العسكري، وإنْ كانت تعمل على ذلك بـ "هدوء"، أو بـ "بطء". فقد سكّنت الجبهة الجنوبية بالاتفاق مع النظام الأردني. وأخذت تقطف ثمار الحصار الطويل لكل المدن والبلدات في محيط دمشق، من خلال تحقيق "المصالحات" التي تقتضي خروج المقاتلين والسكان منها. وقرّرت حسم الصراع بالقوة في حلب وإدلب والشمال عموماً، بعد أن سمحت لتركيا بالسيطرة على شريطٍ من حدودها مع سورية في حرب ضد "داعش". وهي غير مهتمة بـ"داعش" ومناطق سيطرته، لأنها تستطيع استعادتها بـ "هدوء" حين تريد، لأنها تخدمها من خلال السيطرة على مناطق النفط التي باتت من حصة الشركات الروسية، وحيث تتحكّم في جزء منها هناك. لهذا لم تقاتل مسلحي "داعش"، على الرغم من "الأفلام" التي نشاهدنا بين حين وآخر. ويبدو أنها تريد الآن تشكيل "معارضة معتدلة"، تقبل الاتفاق مع النظام، لكي تقول إنها أنهت الصراع الطويل في سورية، وأعادت الهدوء إلى هذا البلد.

يتمثل المنظور الروسي في حسم الصراع بالقوة وفرض بقاء بشار الأسد ونظامه. ولهذا، يستخدم قواته الجوية والبرية، ويعتمد على مليشيا طائفية من بلدان عديدة. هذه هي، باختصار، الإستراتيجية الروسية التي استخدمت سورية حقل تدريب لجيشها، وتجريب سلاحها الجديد، واستعراض قوتها لكي تزيد من مبيعات سلاحها. وهي تريد احتلال سورية من أجل مسائل عديدة. أولها إستراتيجي، يتعلق بأن سورية مرتكز توسيع السيطرة على "الشرق الأوسط" الذي يعيش حالة انسحاب أميركي. وثانيها عسكري، يتعلق بتوفير قواعد بحرية في سورية من أجل الهيمنة على البحر المتوسط، وقواعد جوية وبرية لـ "حماية مصالحها" في سورية و"الشرق الأوسط". وثالثها الحصول على مصالح اقتصادية، تتعلق بالنفط وإعادة الإعمار ومشاريع تقطف ثمارها الشركات الروسية. ورابعها التحكّم بخطوط النفط والغاز، لكي تمنع كل إمكانية لمد خطوط عبر سورية، تنافس روسيا في أوروبا.
ولا شك في أن ذلك كله "مصيري" وحاسم لروسيا، البلد الإمبريالي الذي يريد الأسواق، لكنه يريد كذلك منع التنافس، كي يُبقي أوروبا في حاجةٍ إليه فيما يتعلق بالنفط والغاز. لهذا، تسعى إلى فرض احتلال على سورية، وليس فقط إقامة علاقات متميزة، لأن هذا هو ما يضمن لها ذلك كله، ولأن ضرورة إقامة قواعد عسكرية يعني فرض الاحتلال، كما أرادت وتريد أميركا في العراق. وتدفعها كل هذه الأمور إلى الحسم العسكري، والسيطرة على كل سورية (وهنا، يصبح كل حديث عن التقسيم لعبة مسلية، هدفها تشتيت النقاش وتضييع الحقائق). لكن، لنفترض أن روسيا استطاعت، بكل تفوقها العسكري، أن تسيطر على كل الأرض السورية، فهل تستطيع ضمان قدرة النظام على الحكم؟
السؤال نابع من ملاحظة بسيطة، هي أن النظام لم يعد يمتلك جيشاً، وهذا ما اعترف به بشار 

الأسد في صيف سنة 2015 مقدمة لطلب التدخل الروسي، حيث هناك بقايا جيش، وعصابات تسمى "الجيش الوطني"، وحتى فرق الجيش باتت تتشكل من هذه العصابات، بعد فرار أغلبية الجيش أو انشقاقه، وهروب الذين يُطلبون الى الخدمة العسكرية، ومقتل آلاف منه. ولهذا، من يقاتل الثورة "قوى خارجية". هكذا بالضبط، وهي حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والأفغانية والباكستانية، والحرس الثوري الإيراني، ومرتزقة من فلسطين ولبنان وغيرها. وبالتالي، كيف يمكن أن يحكم بعد تحقيق "الانتصار"؟
أمام روسيا خياران. الأول الاعتماد بشكل مستمر على هذه القوى التي هي خاضعة لإيران، وهذا يعني أن على روسيا أن تقاسم إيران في "الغنائم"، ومنها القبول الروسي بمدّ خط أنابيب الغاز الذي وقعته مع بشار الأسد سنة 2010، وضمان مشاريع اقتصادية لها، وسداد ديون النظام لها. وأيضاً أن تقبل سياسات إيران التي تستغلّ حزب الله من أجل التفاوض، حيث تريد السيطرة على سورية ولبنان (والعراق واليمن) كما يصرّح قادتها. ويتناقض هذا الأمر مع تحالف روسيا مع الدولة الصهيونية التي تريد إنهاء وجود حزب الله، وإبعاد إيران عن حدودها. ولا شك أن ذلك كله يتناقض مع مصالحها هي، حيث تريد السيطرة الأحادية على سورية، ومدّ سيطرتها إلى "الشرق الأوسط". والخيار الثاني أن تأتي بقواتها هي، لكي تصنع أرجلاً لنظامٍ تريد استمراره، وهذا يورّطها في حرب طويلة، وهي حربٌ ستحدث، حتى وإنْ اعتمدت على قوى إيران.


تحتاج إعادة بناء جيش سوري إلى زمن طويل، وربما لا يكون ممكناً ذلك نتيجة "غياب الشباب" الذي يقبل الخدمة العسكرية، بعد أن جرى تهجير أكثر من نصف السكان، وفرار شبابٍ كثيرين من مناطق النظام، وحتى من "داعميه". بالضبط لأنهم لا يريدون المشاركة في هذه الحرب القذرة، بعد أن فقدت تلك المناطق عشرات آلاف الشباب في حرب النظام ضد الشعب، ومن أجل إجهاض الثورة. و العجز عن بناء جيشٍ جديد يعني أن على روسيا إما أن تقبل بتقاسم مع إيران، وهو تقاسم غير مضمون النتائج، أو تزيد من قواتها البرية، وهذا أمر يغرقها في أفغانستان جديدة. فهل تقبل أن تبقي المعادلة الحالية بعد أن تحسم الأمور؟
هذه هي معضلة روسيا في سورية، حيث أن "انتصارها" لن يكون مكتملاً، وسوف يخضع 

لظروفٍ تقلل من قدرتها على السيطرة واحتكار سورية. وأشير إلى ذلك انطلاقاً من بديهية واضحة، هي أنه حتى وإنْ استطاعت روسيا السيطرة على كل سورية، فإن الحرب ضدها وضد النظام لن تتوقف، وإنْ اتخذت أشكالاً جديدة، فليس من انتصارٍ حاسم ممكن لها في كل الأحوال. ولا شك في أن تمسّكها ببشار الأسد، وببنية النظام كما هي، من دون أن تقدم "تنازلاً" واحداً، سوف يفرض عليها أحد الخيارين السابقين، أي الاعتماد على قوات إيران وملحقاتها أو إرسال قواتها. لا بد، في الحالة الأولى، من أن تقدّم تنازلاتٍ لإيران، وهو ما لا تستطيعه، أو إرسال قواتها، وهذا سيدخلها في أفغانستان جديدة، ربما أسوأ من السابقة، خصوصاً وأن الوضع العالمي يعاني من سيولةٍ وتحوّلٍ في التحالفات، يمكن أن تقود إلى تصارع مصالح في سورية، يعزّز من الصراع ضدها. والأهم هنا هو أن الشعب الذي ثار لن يقبل الهزيمة التي تتمثل ببقاء بشار الأسد ومجموعته. وبالتالي، سوف يستمر العمل المسلح ضد النظام وحامليه من إيران إلى روسيا، ولسوف يتخذ أشكالاً أفضل مما جرت ممارسته منذ ثلاث سنوات. فحرب العصابات هي التي ستكون الرد المناسب على وضعيةٍ مفروضةٍ من بقايا نظام وسلطة احتلال وأدوات طائفية. ولكن، يمكنها تحويل وجهة الصراع من روسيا في حالةٍ واحدة فقط، هي إنهاء سلطة بشار الأسد ومجموعته، وإعادة بناء الدولة على أسس تشاركية. فهذا هو المدخل الوحيد لبناء قوى عسكرية تحمي الدولة، حيث إنها الخطوة التي تسمح بعودة عشرات آلاف الفارّين من الجيش، وتهدئة القوى التي تقاتل الآن ضد النظام، وتحقيق "قبول شعبي" بشكلٍ ما. على الرغم من أن الصراع سوف يستمر بأشكال أخرى، نتيجة الحاجة لتحقيق مصالح الشعب، الاقتصادية والسياسية، فالشعب يريد العيش الكريم والديمقراطية، هذا هو ملخص الحرية التي يريدها، وطرحها منذ البدء. 

"FRIENDS" OF SYRIA?





WITH "FRIENDS" LIKE THESE......

WHO NEEDS ENEMIES??

ما وراء الخبر-الشرطة الروسية بحلب هل تضبط الأجندة الطائفية؟

روسيا البوتينية: لاعب دولي خطير أم مجرد بلطجي؟

د. فيصل القاسم


لم يعد خافياً على أحد أن الحاكم الفعلي للعالم لم يعد القوى الكبرى كأمريكا وأوروبا وروسيا وغيرها، ولا حتى القوة العسكرية التابعة لتلك البلدان العظمى، فحتى الجيوش في هذا العالم أصبحت أذرعاً للحيتان الاقتصادية والتجارية. ولطالما سمعنا وقرأنا أن الكثير من الحروب تقوم بدوافع اقتصادية. وقد اعتادت القوى الكبرى على تفجير الحروب هنا وهناك في بعض الأحيان لتحسين الأوضاع الاقتصادية فيها.
وهذا يؤكد أن حتى الجيوش والقوى العسكرية في الدول العظمى ليست صاحبة اليد العليا، بل قد تكون مجرد أداة في أيدي القوى الاقتصادية التي تتحكم بمفاصل السياسة وباقي القطاعات. فهي التي تختلق الحروب والصراعات، وهي التي تستخدم الجيوش من أجل مصالحها الاقتصادية. وعندما نعلم أيضاً أن المؤسسات الحزبية والسياسية كالبيت الأبيض والكونغرس ومجلس الشيوخ في بلد مثل أمريكا كلها تخضع لجماعات الضغط المالية والاقتصادية والشركات العظمى، فهذا يعني أن السلطة السياسية في تلك البلدان أيضاً مجرد عتلة في أيدي المتحكمين برؤوس الأموال ومفاصل الاقتصاد. 
وكلنا يعلم أن عضو الكونغرس الأمريكي لا يستطيع الوصول إلى المجلس دون أن يكون وراءه دعم مالي بالملايين، وهذا لا يقدر على توفيره سوى الشركات وحيتان المال والأعمال. وعندما يكون مصير السياسيين والمؤسسات السياسية كلها في أيدي أصحاب النفوذ المالي والاقتصادي، فهذا بدوره يؤكد على أن من يحكم العالم ليست المؤسسات السياسية ولا العسكرية في الدول العظمى، بل المؤسسات المالية والاقتصادية. وهذه أصبحت بديهيات نعرفها منذ عشرات السنين.
ولو نظرنا إلى القوة الهائلة للأذرع المالية للغرب كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لوجدنا أن العالم أجمع باستثناء أمثلة قليلة جداً، يخضع خضوعاً تاماً لإملاءات البنك الدولي ووصفاته الاقتصادية التي يفرضها على الكثير من البلدان الصغيرة والكبيرة. وما لا تستطيع أمريكا تحقيقه بالقوة العسكرية صارت تحققه بالاقتصاد والضغوط الاقتصادية التي أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب العالم. وبما أن الشركات العابرة للقارات أصبحت تتحكم بأرزاق البشرية وأمورها قاطبة، فما هي القوة الاقتصادية التي تملكها روسيا كي تشارك في حكم العالم؟ 
فإذا كانت أمريكا والدول الأوروبية الغنية والقوية هي مجرد أدوات في أيدي الشركات الكبرى، فكيف يتحدث البعض عن أن روسيا تريد أن تصنع نظاماً دولياً جديداً، وتريد أن تشارك في التحكم بدفة الأمور في العالم؟ إن محل روسيا من الإعراب في عالم السيطرة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والصناعية والدوائية والغذائية في محل مجرور أو مفعول به أو حتى لا محل لها من الإعراب، فليست هناك شركة روسية واحدة غير شركة غاز بروم التي يمكن أن تضاهي أصغر وأتفه شركة غربية أو أمريكية. ما عدا ذلك، فإن روسيا لا تمتلك ذراعاً اقتصادياً ولا مالياً، وهي تكاد تكون مثل بقية الدول المنتجة للنفط التي ينهار اقتصادها بمجرد نزول سعر البرميل. 
وحدث ولا حرج عن الناتج القومي الروسي الهزيل الذي يُعتبر مجرد فكة بلغة الأرقالم المالية والاقتصادية الغربية. فكيف إذاً تريدون منا أن نصدق أن روسيا تريد أن تشارك في قيادة العالم إذا كان الحاكم الحقيقي والفعلي للعالم هو الشركات العملاقة، التي لا تمتلك روسيا شركة واحدة منها، والتي تمسك بكل زمام الاقتصاد والنفط والغاز والطاقة والتكنولوجيا والغذاء والدواء والبنوك؟ قبل أن تناقشوا محل الدول من الإعراب على الساحة الدولية يجب أن تنطلقوا من بديهيات اقتصادية لا تخطئها عين، وكل من يحلل مكانة الدول ومدى قدرتها على التحكم بالعالم يجب أن ينظر قبل كل شيء إلى أذرعها المالية والاقتصادية، وتحديداً إلى قوة شركاتها العابرة للقارات. 
ماذا تصدر روسيا للعالم بربكم كي تكون لها اليد الطولى في هذا العالم الرهيب المحكوم بقوة المال والأعمال؟ هل تصدر سوى السلاح لسوريا وكوريا الشمالية والهند أحياناً؟ هل تصدر روسيا أياً من التكنولوجيا التي تحرك العالم من أقصاه إلى أقصاه كأجهزة الاتصالات العملاقة؟ هل تصدر أياً من أدوات الرفاهية التي تجتاح العالم كالالكترونيات وغيرها؟ هل اشترى أحدكم يوماً موبايلاً روسياً أو حتى دراجة هوائية روسية؟ دلني على أي صناعة روسية تستطيع أن تنافس عالمياً. دلني على موبايل صناعة روسية. دلني على أي سلعة الكترونية كالتي تغزو كل البيوت في العالم من صناعة روسيا. دلني على أي ماركة روسية مشهورة. هل سمعتم يوماً بأي نوع من الألبسة صناعة روسية؟ هل هناك دار أزياء واحدة في موسكو؟ هل سمعتم يوماً بمصمم أزياء روسي واحد. دلني على شركة دواء روسية معروفة، وتستطيع المنافسة خارج حدود روسيا مع شركات الأدوية الأمريكية والغربية التي تغزو العالم وتتحكم حتى بكبريات الحكومات الغربية. دلوني على بنك روسي واحد معروف خارج روسيا.
قد تكون روسيا عملاقاً عسكرياً بفعل قدرتها العسكرية والنووية تحديداً. لكننا نعلم أن القوة العسكرية والنووية لم تحم الاتحاد السوفياتي نفسه من السقوط، فما بالك أن تحكم العالم الذي أصبح كله تحت هيمنة القوى الاقتصادية وليس العسكرية. باختصار، فإن القوى التي تتحكم باقتصاد العالم تستطيع أن تحتل العالم اقتصادياً، بينما لا تستطيع أي قوة عسكرية مهما بلغت من جبروت أن تحتل العالم. شاهدنا كيف هزمت افغانستان الفقيرة الاتحاد السوفياتي عسكرياً، وكيف هزم العراق أمريكا أيضاً. لاحظوا أن روسيا تمكنت من احتلال سوريا عسكرياً، بينما كانت أمريكا من قبلها احتلت سوريا اقتصادياً عبر ذراعها الرهيب البنك الدولي. مخطئ من يعتقد أنه يستطيع أن يُخضع العالم عسكرياً كما تحاول روسيا، لأن السيطرة الحقيقية ستظل في عصر التكنولوجيا والصناعات والاتصالات للقوى الاقتصادية وليس للعسكر. روسيا مارد عسكري، لكنه قزم اقتصادي، ولا يمكن للأقزام أن يشاركوا في صناعة نظام دولي يخضع كلياً لقوة المال والأعمال والتكنولوجيا والشركات العابرة للحدود. من حقك يا سيد بوتين أن تتنمر على العالم، وأن ترهبه بأذرعك العسكرية الجبارة، لكنك تبقى مجرد بلطجي مدجج بالسلاح يستطيع أن يرهب الجميع، لكنه لا يتقن سوى البلطجة.
٭ كاتب وإعلامي سوري

Thursday, December 22, 2016

Azmi Bishara's Latest Comment


لجأ نتنياهو إلى السيسي لأنه لم يكن واثقا أن أوباما سوف يستخدم حق النقض ضد قرار مجلس الأمن الداعي لوقف الاستيطان. فطلب السيسي من بعثة مصر تأجيل التصويت!! بدون حتى "مسافة السكة"!

مصر صاحبة الاقتراح ضد الاستيطان، سحبت اقتراحها بطلب ممن يقوم بالاستيطان. لماذا؟ لأن الاقتراح قد ينجح. مصر سحبت اقتراح القرار، لأنه قد يمر!!
ترامب دعا أوباما أيضا لاستخدام حق النقض.
التصويت ضد وقف الاستيطان يعني فقط التصويت مع الاستيطان. 
ستكون الإدارة الأميركية القادمة منفلتة العقال تماما في هذا الشأن.


هل يمثل إعلان موسكو صدى لسقوط حلب؟

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
Link

بعد أكثر من أربع سنوات من سيطرة فصائل المعارضة السورية على الجزء الشرقي من مدينة حلب، تمكّنت قوات النظام السوري والمليشيات الطائفية الأجنبية المتحالفة معها، وبغطاءٍ جوي روسي كثيف، من تحقيق تقدم سريع ضد تلك الفصائل، أدّت، في نهاية المطاف، إلى إجلاء مقاتليها والمدنيين عن آخر الجيوب التي تحصّنت بها في المدينة. وبعد ذلك مباشرةً، دعت روسيا إلى عقد اجتماعٍ في موسكو ضمّ وزراء خارجية ودفاع كل من روسيا وتركيا وإيران، وخرج الاجتماع، حسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بـ "إعلان موسكو" الذي تضمّن خريطة طريقٍ لحلّ الأزمة السورية.

أسباب الانهيار في حلب

حاولت فصائل المعارضة السورية مرتين فكّ الحصار الذي فرضته قوات النظام السوري وحلفاؤها على الأحياء الشرقية من مدينة حلب، منذ تمكّنت الأخيرة في يوليو/ تموز الماضي من إغلاق معبر "الكاستيلو"، وهو طريق الإمداد الوحيد لها. وعلى الرغم من تمكّنها، في المرة الأولى، في أغسطس/ آب الماضي، من كسر الحصار ومحاصرة قوات النظام داخل المدينة، فإن التدخل الجوي الروسي كان يدفعها، في كل مرة، إلى التقهقر.
وبعد فشل وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين وزيري الخارجية، الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، في التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي، دعا الأخير إلى اجتماع في موسكو في 28 أكتوبر/ تشرين الأول ضم، إضافة إليه، وزيري خارجية النظام السوري وليد المعلم، والإيراني جواد ظريف، ومسؤولين عسكريين يمثلون الحلفاء الثلاثة. وقد وضع المؤتمرون خطةً للإجهاز على حلب، وبدأ تنفيذها مباشرةً بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي أسفرت عن فوز دونالد ترامب. وأدت الحملة التي أدارتها روسيا إلى انهيار سريع في صفوف المعارضة السورية. وتعود أسباب هذا الانهيار إلى جملة من العوامل أهمها:
1. القوة النارية الهائلة التي استخدمتها روسيا لضرب المعارضة، إذ قامت روسيا خلال 
الشهرين الماضيين بتعزيز قواتها العسكرية بشكل كبير في سورية. وفضلاً عن إرسال مزيد من طائراتها القاذفة، أرسلت موسكو أسطول الشمال إلى السواحل السورية الذي يضم عشرات السفن الحربية، وفي مقدمه حاملة الطائرات الوحيدة التي تملكها روسيا، وهي الأميرال كوزينتسوف التي قصفت مناطق في حلب بصواريخ كروز من البحر الأبيض المتوسط.
2. اتباع النظام وحلفائه إستراتيجية "الجوع أو الركوع"، في مواجهة نحو 300 ألف مدني أطبق عليهم الحصار في القسم الشرقي من المدينة، ودفع فصائل المعارضة نتيجة لذلك إلى التفاوض على الخروج منها، كما حصل في حمص عام 2014.
3. الخلافات والانقسامات بين فصائل المعارضة التي استمرت، على الرغم من الهجوم الكبير الذي تعرّضت له حلب، وتمثل بصورة خاصة في القتال الذي دار بين حركة نور الدين زنكي من جهة وتجمع فاستقم من جهة أخرى، وكذلك بين جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا)، وكل من "فيلق الشام" و"جيش الإسلام" من جهة أخرى. وقد انعكس ذلك بوضوح على الأوضاع الميدانية لقوات المعارضة. في المقابل، بدت جبهة النظام التي تضم أيضًا الروس والإيرانيين والمليشيات التابعة موحدةً ومتناغمةً، على الأقل حتى تم الإعلان عن الاتفاق التركي - الروسي لإجلاء المقاتلين والمدنيين من حلب.
4. انشغال جزءٍ من فصائل المعارضة في معركة "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا في أغسطس/ آب الماضي، لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مناطق غرب الفرات، ومن ثمّ تفويت الفرصة على وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أميركيًا من وراثة تنظيم الدولة في معقله الرئيس في مدينة الباب ومحيطها، كما حصل في منبج من قبل.
5. ضعف الموقف الأميركي وموقف حلفاء المعارضة عمومًا، وحصول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على ما يشبه الغطاء لإطلاق معركة استعادة حلب، بعد فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، وإعرابه عن رغبته في دخول شراكةٍ مع روسيا في سورية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية. وكان لافتًا أن استئناف الغارات الروسية واستخدام الأسطول الروسي الجاثم في البحر المتوسط في قصف حلب جاء بعد اتصال بوتين بترامب لتهنئته بالفوز، وإعلان الكرملين أن الحديث بين الطرفين تناول محاربة الإرهاب والمتطرّفين في سورية.
6. تحول الموقف التركي من طرفٍ في الصراع وداعمٍ للمعارضة إلى وسيطٍ بينها وبين روسيا، وقد استضافت تركيا، خلال عملية السيطرة على حلب، مفاوضاتٍ بين روسيا وفصائل المعارضة الموجودة شرق حلب، للتوصل إلى اتفاقٍ يؤدي إلى خروج الأخيرة من المدينة، وهو مطلب روسيا. وكان التحول في الموقف التركي تجاه تطبيع العلاقات مع روسيا قد بدأ منذ إطاحة رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، في مايو/ أيار الماضي، لكنه تسارع بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/ تموز، وقد رافق ذلك تغيير في الموقف التركي باتجاه التحول نحو دور الوساطة في الصراع السوري. وكان من الواضح أن روسيا لم تعلق على العملية التركية مع المعارضة السورية، لمنع تغلغل القوات الكردية في ريف حلب الشمالي الشرقي، كما أن تركيا لم تقم بأي فعلٍ لمعارضة العملية الثلاثية التي قادتها روسيا للاستيلاء على حلب. 

الاتفاق التركي - الروسي والموقف الإيراني

مع اشتداد الضغط العسكري على المعارضة، واستهداف المدنيين بالقصف العنيف، وتنفيذ 

عمليات إعدام ميدانية بحق سكان الأحياء التي سيطر عليها حلفاء النظام من المليشيات الأجنبية، وفي ظل رفض المقاتلين الاستسلام، تعالت المواقف الدولية المندّدة بما تتعرّض له مدينة حلب التي تعد واحدة من أقدم الحواضر الإنسانية من عنف دموي. ومع تنامي المخاوف من احتمال وقوع مجازر على نمط سبرينيتسا (البوسنية)، وافق الروس على مقترحٍ تركي بتوفير معابر آمنة، تسمح بخروج قوات المعارضة ومن يرغب في الخروج من المدنيين من الأحياء المحاصرة للمدينة.
فاجأ الاتفاق طهران التي ساءها تجاهل الروس دورها، فقامت بتعطيل تنفيذه عن طريق أذرعها على الأرض، وخصوصاً عبر مليشيا حزب الله اللبناني والنجباء العراقية، من خلال احتجاز الخارجين من المدينة، وإعادة آخرين بعد خروجهم منها. كانت إيران، ويؤيدها النظام السوري في ذلك، تسعى إلى القضاء على جميع فصائل المعارضة المحاصرين في المدينة، بدلًا من تركهم يخرجون لاستئناف القتال ضدها في مناطق أخرى، رافضةً التمييز بين معتدلين ومتشدّدين، باعتبار أن كل من رفع السلاح في وجه النظام يعد إرهابيًا. وفي محاولةٍ لعرقلة الاتفاق، اشترطت إيران للسماح بخروج المقاتلين والمدنيين من شرقي حلب، خروج الموالين لها من بلدتين في ريف إدلب، هما كفريا والفوعة، يحاصرهما جيش الفتح التابع للمعارضة السورية منذ استيلائه على مدينة إدلب في ربيع 2015. وبناءً عليه، بدأت عمليات الإجلاء المتبادلة التي دخل على خط تنفيذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال مشروع قرار فرنسي، يدعو إلى إرسال مراقبين دوليين لضمان حسن سير الخارجين من حلب وسلامتهم، وهو المشروع الذي اعترضت عليه روسيا، قبل أن تعود وتوافق عليه، بعد إدخال تعديلاتٍ عليه، وحمل رقم 2328 بتاريخ 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016، وهو القرار الذي انتقدته إيران بشدة على لسان أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، معتبرًا أنه جاء لـ "مصلحة الأعمال التخريبية، ويوفر الأرضية لدخول العناصر الأمنية والعسكرية الداعمة للإرهاب تحت غطاء المراقبين الدوليين".

إعلان موسكو
سارعت موسكو إلى الاستثمار سياسيًا في التغييرات الميدانية التي قادتها على الساحة السورية، وتمثلت بسقوط حلب في يدها، وكذلك في الغياب الكامل للولايات المتحدة عن المشهد الإقليمي نتيجة الحالة الانتقالية التي تعيشها بين إدارتين، فدعت إلى اجتماعٍ سداسيٍّ، يضم وزراء خارجية ودفاع كل من روسيا وتركيا وإيران، ولم تعطله حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة عشية انعقاده.
ناقش المجتمعون مصير سورية والحل السياسي فيها، بغياب النظام الذي يدّعي تمثيلها، 

وخرجوا ببيانٍ أطلقوا عليه اسم "إعلان موسكو"، يتضمّن، كما قال لافروف، خريطة الحل السياسي في سورية، ويشمل توسيع وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في حلب، ليشمل الأراضي السورية كافة وجميع الأطراف، باستثناء جبهة فتح الشام (النصرة) وتنظيم الدولة الإسلامية. والتركيز على محاربة الإرهاب، والدفع باتجاه تسويةٍ سياسيةٍ بين النظام والمعارضة، تكون روسيا وتركيا وإيران الأطراف الضامنة لتنفيذها. وقد نص البيان الذي جرى نشر مضمونه على عدم "وجود حل عسكري للأزمة في سورية"، وكان لافتًا إشارته إلى ضرورة الاعتداد "بالقرارات التي صدرت عن المجموعة الدولية لدعم سورية، وإزالة العوائق أمام تطبيق الاتفاقات الواردة فيها، مثل قرار مجلس الأمن 2254. وتتجه موسكو إلى توزيع الاتفاق الثلاثي على مجلس الأمن، وتضمينه خطوات محددة لتسوية العقبات التي تعرقل التوصل إلى وقفٍ شامل للأعمال القتالية واستئناف عملية التسوية السياسية.
وعلى الرغم من محاولات المضيفين الروس إضفاء أجواء توافقية على اجتماعات موسكو، برزت تناقضات مهمة في مواقف الطرفين، التركي والإيراني. فبينما قال وزير الخارجية الروسي إن الأطراف الثلاثة اتفقت على ضرورة اتخاذ إجراءاتٍ عمليةٍ لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، لجهة مطالبته بوقف وصول المساعدات الخارجية إلى الجماعات الإرهابية، وهو الأمر الذي أكد الوزير التركي الاتفاق بشأنه، مع إشارته إلى أن "ثمة جماعات أخرى مرتبطة بالنظام السوري، ومن الضروري قطع الدعم عنها أيضًا"، وبينها حزب الله، معتبرًا ذلك "ضروريًا لضمان وقف إطلاق نار مستقر". لكن وزير الخارجية الإيراني ردّ عليه إن الحديث في الاتفاق الثلاثي الذي جرى التوصل إليه في موسكو "يدور عن الفصائل المصنفة في قرارات مجلس الأمن منظمات إرهابية" (يقصد جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية فقط).
أما في اجتماع وزراء دفاع الدول الثلاث، فقد أشاد وزير الدفاع الإيراني بالتنسيق الروسي - الإيراني الذي تبدّت نتائجه في حلب، ما مثّل تناقضًا واضحًا مع نص البيان الذي أقرّ بعدم وجود حل عسكري للصراع في سورية.

خاتمة


على الرغم من أجواء التفاؤل التي حاولت أن تبثها موسكو من خلال الإعلان عن خريطة الطريق لحل الأزمة السورية، والتي تحاول عبرها ترجمة تدخلها العسكري إلى نفوذ دبلوماسي لتأدية دور راعية عملية سلام، بوصفها دولة عظمى، ما زالت العقبات التي تعترض التوصل إلى الحل المنشود غير متوفرة، بدليل وجود خلافاتٍ كبيرة بين أطراف الاتفاق الثلاثي نفسها. فالأسباب التي حالت دون تطبيق قرارات مجلس الأمن السابقة (خصوصاً القرارين 2118 و2254) والعقبات التي أدت إلى فشل مفاوضات جنيف 2 و3 ما زالت قائمة. كما أن أسئلةً كبرى بحاجة إلى إجاباتٍ عنها، مثل: كيف يمكن إنهاء الصراع إذا ظلت روسيا وإيران مصرّتين على بقاء الأسد بعد كل ما جرى؟ وكيف يمكن الحديث عن حلٍّ في غياب دور عربي؟ وماذا سيكون عليه الموقف الأميركي الذي بدا معزولًا في ظل أخذ الدول الإقليمية الفاعلة في الصراع السوري زمام المبادرة بعيدًا منه؟ وماذا سيكون موقف فصائل المعارضة المسلحة من طروحات الحل التي تركّز على قضية الإرهاب، وتتناسى الأسباب التي أدت بالشعب السوري إلى الثورة والخروج على النظام؟
في غياب إجابات حقيقية عن بعض هذه الأسئلة، أو كلها، يصعب الحديث عن التوصل إلى حل قريب للصراع في سورية؛ ما يعني أن الصراع سيستمر فترةً أطول، ريثما تتوفر عوامل إنهائه بحدها الأدنى. الدول الثلاث المذكورة قادرة على التوصل إلى وقف إطلاق النار، وتوسيع نطاقه ليشمل مناطق أكبر، كما أن دور الوسيط يغري روسيا باتخاذ مسافةٍ، ولو قصيرة، من الإيرانيين، بعد مرحلةٍ من التحالف الكامل والتطابق في المواقف. ففي النهاية، تريد روسيا أيضًا التوصل إلى حل ما في سورية، ولا يمكنها مواصلة القتال إلى الأبد. ولكنّ قوى المعارضة السورية المسلحة وحلفاءها غير قادرين على التأثير وفرض عناصر الحل العادل بحدها الأدنى على من يريد التقدّم نحو الحل. فهذه المهمة تتطلب قدرةً على وضع الإستراتيجيات الموحدة والالتزام بها، وإقناع العالم والشعب السوري ليس فقط بطغيان نظام الأسد ووحشيته، بل أيضًا بوجود بديلٍ قادر على إدارة البلد والحفاظ على وحدته وأمنه، ولم تقدّم الفصائل المسلحة حتى الآن نموذجًا ناجحًا لهذا الغرض. 


Al-Jazeera Cartoon

كاريكاتير: تغريبة سورية

Emad Hajjaj's Cartoon: Israel and the Stupid Arabs

اسرائيل والصراعات العربية

Wednesday, December 21, 2016

بعد حلب.. هل من حل روسي؟

سلامة كيلة

A GOOD PIECE

Link

ظهر أن روسيا تنتقل بعد "تحرير" حلب (من سكانها) إلى طرح صيغةٍ للحل السياسي، ولقد توافقت عليها مع كل من إيران وتركيا. وهي صيغةٌ تقوم على الحوار بين النظام والمعارضة، بعيداً عن جنيف 1، وقرار مجلس الأمن رقم 2254. بالتالي، تفرض صيغتها التي تقوم على بقاء بشار الأسد، وتشكيل "حكومة وحدة وطنية". وتعتبر أن الحرب على الإرهاب هي ما يفرض التحالف بين تلك الدول، على الرغم من أن كلاً منها يعرف أن الإرهاب المشار إليه هو من صنعها، حيث عملت الدول الثلاث على دعم "داعش" وجبهة النصرة بأشكال مختلفة، وعززت من دورها لإضعاف الثورة من جهة، ومن جهةٍ أخرى لاستغلال وجودها مبرراً لقصف الكتائب المسلحة والهجوم عليها. هذا ما فعلته روسيا بالضبط، حيث أنها لم تقصف لا "داعش" ولا "النصرة" (إلا بشكل استعراضي)، وركّزت قصفها وقتلها على الكتائب التي تتصف بطابع شعبي، والتي تمثّل القوى الشعبية التي ثارت ضد النظام من خلال التظاهرات السلمية، ثم اضطرت إلى حمل السلاح. وكان واضحاً أن ما تريده روسيا، مثل النظام، هو بالتحديد سحق قوى الثورة، وليس لا "داعش" ولا جبهة النصرة، ولا حتى المجموعات الأصولية الأخرى.
ما يخيف روسيا، بالتالي، هو روح الثورة التي كانت تتحسّس من وصولها إليها، مثلها هنا مثل كل الدول الإمبريالية، والنظم التابعة. وباتت تريد، كما يبدو، فرض الحل السياسي الذي يناسبها، بالضبط كما فعلت السعودية في اليمن، حينما أبقت علي عبدالله صالح في السلطة، وراوغت طويلاً قبل تنحيته من دون أن تسمح في تغيير في بنية الدولة. لكن ذلك كله لم يمنع انفجار الوضع من جديد. ولا شك في أن الحل الروسي كما يُطرح لن يمنع انفجار الوضع من جديد، على الرغم من وجود قواتها العسكرية (الجوية والبرية) في سورية.
ربما تستطيع روسيا الآن أن تقرّر حلاً، بعد أن ضمنت كل من إيران وتركيا، وهو ما يسمح بإخضاع القوى التابعة لكل منها، وبحصار القوى الرافضة، لكنها لا تستطيع تحقيق قبول الشعب، وبالتالي، القدرة على بناء جيشٍ يحمل الدولة التي باتت تُحمل على أرجلٍ من إيران وروسيا وأشتات العالم.
لكن، سيقود هذا التوافق بين هذه الدول إلى انكشاف المعارضة والكتائب المسلحة التي اعتمدت على الدول الأخرى، لأن التوافق بين هذه الدول الثلاث سوف يفرض قبول الدول الأخرى. فقد عملت روسيا على "تبليغ" أميركا بنتيجة الاتفاق، وسوف تفعل ذلك مع السعودية وقطر وأوروبا، وأظن أن كل هذه الدول سوف تدعم الصيغة التي جرى التوافق عليها. وسوف تعلن كلها "الحرب على الإرهاب"، على جثة الشعب السوري.


ما سيكمل "الصورة" هو الدور الذي ستلعبه جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) في جرّ مجموعاتٍ سلفيةٍ، لكي تخضع لسيطرتها، وتأسيس إمارة سلفية في إدلب، تكون مدخلاً لتبرير "الحرب على الإرهاب"، على الرغم من أن "النصرة" هي أول من يُسمح لها بالخروج والحركة، كما حدث في حلب، حيث خرجت أولاً بهدوء على الرغم من أن كل الحرب على حلب جرت بذريعة تصفيتها. إنها المبرّر للحرب، لكنها لا تُحارب، لأنها "الطُعم" فقط، الطُعم الذي أوجده النظام، ويُستخدم للقتل والتدمير "من دون أن يُصاب بأذى". ولهذا، سوف ينتهي دورها حال الوصول إلى حل، بعد أن تكون قد عاثت بالثورة، وخدمت كل سياسات النظام وروسيا، وإيران.


اللافت بعد الانسحاب من حلب أن جبهة النصرة تريد "توحيد" المجموعات السلفية تحت سيطرتها تحت مسمى توحيد "قوى الثورة"، على ضوء "الضغط الشعبي"، ما يعني تبرير قصف تلك القوى تحت حجة الاندماج بهذا التنظيم الذي يُصنّف إرهابياً. لكن ما يظهر واضحاً بالفعل أن المجموعات السلفية لا تستطيع سوى التقارب، لأن منطقها واحد، وهدفها واحد: "دولة إسلامية". ولا شك في أن ذلك كان جزءاً من "خراب" الثورة. الثورة التي لن تنتهي، على الرغم من كل ما حدث. كيف؟ سنجيب على ذلك. 

مسؤول عسكري إسرائيلي كبير: حزب الله يستخدم أسلحة أمريكية في سوريا



"Death to America!"........
Sure....., Nasrallah......
Tell Us Some More Lies.....

WE KNOW THAT YOU AND OTHER SHIITE MILITIAS IN IRAQ ARE IN BED WITH AMERICA!

Link

تل أبيب – رويترز – قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير الأربعاء، إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأن مقاتلي جماعة حزب الله اللبنانية في سوريا يستخدمون حاملات جنود مدرعة أمريكية كان قد تم توريدها للجيش اللبناني.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي إن السفارة الأمريكية في بيروت تعكف على التحقيق في صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يفترض أنها تظهر حزب الله -الذي يدعم الرئيس السوري بشار الأسد- وهو يستعرض معدات عسكرية أمريكية في سوريا.
وتردد على نطاق واسع أن هذه الصور كانت تظهر عربات مدرعة من طراز ام113 لنقل الجنود، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن استخدامها شائع جداً في المنطقة.
وفي إفادة للصحافيين الأجانب في تل أبيب، عرض المسؤول الكبير صورة لمركبات عسكرية قال إنها تتضمن ناقلات جنود أمريكية مدرعة مصطفة في طريق.
وقال بالانجليزية “ناقلات الجنود المدرعة هذه تابعة لحزب الله.. أثناء قتاله في سوريا أخذوها من القوات المسلحة اللبنانية.” ووصف الجماعة بأن لها نفوذ كبير في لبنان.
وقال المسؤول الذي تقتضي شروط الإفادة عدم تعريفه باسمه أو رتبته أو منصبه، “تبادلنا هذه المعلومة مع دول أخرى منها الولايات المتحدة بالطبع حتى أنني يمكنني القول بأننا تعرفنا على هذه المركبات بالتحديد بمحددات خاصة نعرفها… إنها ناقلات جنود مدرعة أعطيت للقوات المسلحة اللبنانية. هذا ليس افتراضاً.”
وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن المركبات المدرعة سلمتها الولايات المتحدة للجيش اللبناني في إطار برنامج لتجهيز الجيش.
ولم يورد المسؤول أي تعليق عن متى تم توريد المركبات للجيش اللبناني.
وقال إن حزب الله لديه ثمانية آلاف مقاتل في سوريا حيث قتل أكثر من 1700 من مقاتليه منذ عام 2011.
وخاضت إسرائيل آخر حرب لها مع حزب الله في عام 2006. ويقول المسؤول إن أعضاء حزب الله 30 ألفاً نصفهم من المقاتلين.

Emad Hajjaj's Cartoon: The Russian "Peace" Plan!

خطة السلام الروسية

Tuesday, December 20, 2016

«الأسد أو نحرق البلد!»

جلبير الأشقر


A GOOD PIECE

Link

إن إحدى سمات حكم البعث الأساسية منذ انقلابه إلى دكتاتورية فردية، وقد تم ذلك في سوريا في ظل قيادة آل الأسد، هي الشعارات الكاذبة. فمن «وحدة، حرية، اشتراكية» التي هي كناية عن شوفينية قطرية واستبداد تعسّفي وتملّك عائلي للدولة، وهو شعار حوّله الرأي العام السوري بحكمته التهكّمية إلى «وحدة حرامية نشترية» («النشترية» كلمة عامّية تعني «النشّالين»)، إلى ذلك الشعار العملاق الذي كان ينتظر القادمين إلى سوريا من لبنان على نقطة الحدود الرئيسية بين البلدين والقائل إن «البعث تمرّدٌ على الحدود» بينما يُضطرّ الناس إلى انتظار طويل وممّل لإنجاز المعاملات البيروقراطية والمخابراتية قبل اجتياز الحدود، إلى «الممانعة» التي قد يظن من يسمع بها للمرة الأولى أنها كلمة تنتمي إلى قاموس العلاقات بين الزوجين بينما هي التسمية الجديدة لذلك «الصمود» الذي كان هو شعار زمن التحالف ضد أنور السادات (أيام «جبهة الصمود والتصدّي» التي لم تصمد ولم تتصدّ)، والحال أن النظام السوري إن مانع شيئاً إزاء الدولة الصهيونية جارته فهو شنّ الكفاح المسلّح ضدّها انطلاقاً من الأراضي السورية بالرغم من أن قسماً هاماً من هذه الأراضي محتلٌّ منذ ما سوف يبلغ نصف قرنٍ بعد ستة أشهر من الآن: كلّها شعارات تُطلق لتشير إلى عكس ما تعلنه على طريقة ما يسمّيه علم اللغة والأسلوب «التعبير المعكوس» (antiphrasis).
بيد أنه لا بدّ لنا من أن نعترف لعَبَدة آل الأسد وأزلام نظام البعث السوري أنهم خرقوا القاعدة وصدقوا في شعار واحد على الأقل. ومن عظيم المفارقة أن يكون الشعار الذي به صدقوا هو تحديداً الشعار الذي ظنّه معظم الناس مبالغةً قصوى وتهديداً أجوف عندما سمعوه للمرة الأولى في بدايات الانتفاضة على نظام آل الأسد، ألا وهو شعار «الأسد أو نحرق البلد». وإنه لشعارٌ متميّزٌ حقاً بدرجة تخلّفه المذهلة، ينمّ عن عقلية تُشهر ولاءها لعائلة حاكمة بتفضيلها على بلد بأسره، بل بتوعّدها بالقضاء على البلد إن لم يتسنّ للعائلة الحاكمة أن تبقى متربّعة على حكمه وأرزاقه. وها نحن بعد ما يناهز الست سنوات من انطلاق الانتفاضة السورية أمام بلاد تمّ حرقها وتدميرها إلى حدّ مرعب بغية الدفاع عن استمرار تملّكها من قِبَل آل الأسد. وقد أدرك السوريون وأدرك جميع المراقبين معهم منذ سنة 2012 على الأقل أن ذلك الشعار، الذي ظنّوه لوهلة أولى مجرّد تشبيح من قبل «شبّيحة» النظام، إنما هو أصدق شعار صدر عن النظام وأزلامه منذ أن استولى حافظ الأسد على حكم سوريا بالانقلاب العسكري في عام 1970.
أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما فقد انتظر انتهاء ولايته الفعلي (قبل الرسمي)، غداة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كي يُصرِّح، يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الأخير وفي مؤتمر صحhفي عقده في عاصمة البيرو أثناء زيارة رسمية، أن بشّار الأسد «رجلٌ قرّر أن تمسّكه بالحكم يستحقّ تدمير بلاده وتحويلها إلى ركام وتشريد أهلها أو قتلهم، بينما كان أمامه خيار الإطلاق السلميّ لمرحلة انتقالية كان بوسعها أن تُبقي على البلاد سالمة». وإنه لتشخيصٌ صحيحٌ ودقيق، بالرغم من أن الرئيس الأمريكي قد تغافل عن أنه هو أيضاً لم يبالِ لتدمير سوريا وتحويلها إلى ركام وتشريد أهلها أو قتلهم في حين كان بوسعه الحؤول دون هذه الكارثة الهائلة. غير أن لا مبالاة أوباما، المُراقِب من بعيد، وإن كانت وصمةَ عار عظيمة على جبينه تُشركه بمسؤولية الجريمة النكراء التي حلّت بسوريا وشعبها، إنما تختلف نوعياً عن لا مبالاة من هم من أهل البلد.
سلوك آل الأسد في تفضيلهم حرق سوريا على التخلّي عن حكمهم لها يذكّرنا بالرواية التوراتية الشهيرة عن حكمة الملك سليمان لمّا جاءته امرأتان مات طفل إحداهما وتدّعي كلّ واحدة منهما أن الأخرى سرقت طفلها الحيّ. «فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. فقال الملك ائتوني بسيف. فأتوا بسيف بين يدي الملك. فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفاً للواحدة ونصفاً للأخرى. فتكلّمت المرأة التي ابنها الحي إلى الملك، لأن احشاءها اضطرمت على ابنها، وقالت استمع يا سيدي، اعطوها الولد الحي ولا تُميتوه. وأما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك، اشطروه. فأجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فإنها امه».
إن آل الأسد وأزلامهم جماعة ادّعت الحرص على سوريا وهي على أتمّ الاستعداد لحرقها وشطرها إن خشت أن تخسر تملّكهم لها. لكنّها وبغياب مرادف عالمي لسليمان الحكيم يقرّر إعادة سوريا لأصحابها الشرعيين، ألا وهم مواطنوها، جماعةٌ استباحت البلد شطراً وحرقاً ولم تترك لخصومها سوى ثلاثة خيارات: ترك البلد، أو الموت على أيديها، أكان بطيئاً في معتقلاتها أم سريعاً، أو الدفاع عن النفس. وقد برعت الجماعة في فنون المكيدة، تساعدها الرجعية الإقليمية ولو من منطلق العداء لها، كي تخنق صوت «الربيع العربي» التقدّمي في سوريا وتحفز صعود قوى غارقة في الرجعية في الصفوف المقابلة لها بحيث توفّر لها ولحلفائها ذريعة التدمير، مثلما غدت جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) ذريعةً للإجهاز على حلب. ولن تنهض الثورة السورية من جديد سوى باستعادة منحاها التقدّمي وتحصينه ضد النظامين المحلّي والإقليمي وضد كافة القوى الرجعية التي أفرزاها.
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان

الاتجاه المعاكس- هل أسدل الستار على الثورة السورية؟


HE AND TURKEY......

ARE MORE PATHETIC THAN EVER.......

DOES ANYONE (BESIDE A FEW STUPID ARABS) TAKE THEM SERIOUSLY ANYMORE??

Guardian Video: Russian ambassador shot dead in Turkey art gallery – video report

Emad Hajjaj's Cartoon

إرهاب نهاية العام !

Monday, December 19, 2016

BREAKING NEWS



THE RUSSIAN AMBASSADOR TO TURKEY WAS SHOT......

HE SUFFERED SERIOUS INJURIES AND WAS TAKEN TO A HOSPITAL.

UPDATE: THE AMBASSADOR LATER EXPIRED!


THE REVENGE OF ALEPPO!

Sunday, December 18, 2016

هَل ماتَ ضميرُ العرب؟

IT DIED.......

LONG TIME AGO.......

عرب جرب

مهجّر من حلب ينقل لـ"العربي الجديد" مشاهد الموت والحصار(فيديو)



Link


وصف أحد المهجرين من مدينة حلب إلى ريف إدلب في الشمال السوري لـ"العربي الجديد" الحالة المأساوية التي كان يعيشها المدنيون في ظل الحصار الذي فرضه النظام السوري على أحياء حلب بمساندة المليشيات الطائفية وإيران، مع استمرار الطائرات والبوارج الروسية في قصف الأحياء وقتل المدنيين دون توقف.

وقال أبو محمد الحلبي، واصفا ما فعله الطيران الروسي بحلب: "تعرضنا لقصف لا يعلم به إلا الله بالبراميل والصواريخ والبوارج الحربية والقنابل الارتجاجية، إضافة للجوع والعطش. الوضع كان مأساويا، لم يبق لدينا طحين وكنا مستعدين لأكل ورق الشجر بعد أن خذلتنا دول العالم".

وتحدث أبو محمد عن مجازر جماعية ارتكبها طيران النظام السوري والطيران الروسي، مضيفا: "كل تقدم للنظام والمليشيات الطائفية يرافقه دمار وخراب ومجازر جماعية، وطيران النظام قصفنا بغاز الكلور السام، ولم يبق أمامنا خيار سوى الموت أو تسليم النفس".

وأوضح أبو محمد أنهم كانوا كلما فروا من حي بسبب القصف العشوائي لحقهم القصف إلى حي آخر في حلب المحاصرة التي دمّرت فيها أحياء بأكملها. وقال: "كلما نزحنا من حي قصفنا النظام براجمات الصواريخ في حي آخر، فالنظام دمّر حي المواصلات وحي الشعار وحي طريق الباب بالكامل".

وذكر أبو محمد وقوع الكثير من القتلى في حلب بينهم أقارب وجيران، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وتابع: "فقدنا الكثير من أقربائنا وجيراننا وتحوّل معظمهم إلى أشلاء، كان القصف يهدم مبنى بأكمله فوق ساكنيه، ومنهم من مات حرقا أيضا، كما أنك لا تستطيع أن تفعل شيئا للجرحى. وقد استهدف الدفاع المدني أيضا، ولا يوجد ماء لإطفاء الحرائق، ولا أدوات لإخراج الجرحى من تحت الأنقاض".



وعن المعاناة في إخراج الجرحى من تحت الأنقاض وإبعادهم من الشوارع، قال أبو محمد: "كنّا نرى الجريح أو المقتول ولا نتمكّن من حمله، كان الحال ميؤوسا منه. كان عددهم كبيرا لا تعلم أين تأخُذهم إن حملتهم، كان عليك أن تركض كي تحافظ على روحك، الحال أصعب من أن يوصف".

وأكّد أن إيران وروسيا جاءتا لقتل أهل حلب بحجة حمايتهم من الإرهابيين. وأضاف: "نحن كنّا في بيوتنا، كنا في أرضنا، هل جاءت إيران وروسيا للدفاع عنّا؟ حوّلونا إلى إرهابيين، هل الأطفال الذين قتلوهم إرهابيون؟ ترى الشيوخ والنساء قتلى وجرحى ولا يمكنك أن تفعل لهم شيئا".

ولفت أبو محمد إلى أنّ سبب خروجه من حلب هو الخوف على عرضه وعائلته من المليشيات الطائفية. وتابع: "لم تبق في حلب حياة، انتظرنا الموت لكننا لم نكن نخافه، كنا نخاف من انتقام المليشيات الطائفية، لذلك فضلنا الخروج من حلب على البقاء. تمنّيت عدم الخروج من حلب، إنها بلادي لمن سأتركها".

ويذكر أن الأحياء الشرقية من مدينة حلب تعرضت لحملة عسكرية شرسة من قوات النظام السوري بدعم روسي بعد حصار دام ثلاثة أشهر، وانتهت إلى اتفاق بين المعارضة السورية المسلحة وروسيا وإيران يفضي إلى تهجير المعارضين للنظام من حلب.

THIS IS TURKEY'S HEROIC CONTRIBUTION TO THE SYRIANS OF ALEPPO!

مخيم قرية "خربة الجوز" السورية قرب الحدود التركية (الأناضول-أرشيف)

THIS IS TURKEY'S HEROIC CONTRIBUTION TO THE SYRIANS OF ALEPPO!

LOOK AT THESE MODERN FASCISTS!









IT IS NOT JUST THE SALUTE THAT IS FASCIST.......

NOW WE SEE THE FASCIST METHODS IN THE SLAUGHTER OF INNOCENT CIVILIANS IN SYRIA, EVERYWHERE THESE HIZBULLAH FASCISTS GO! 

ما وراء الخبر - لماذا تعرقل المليشيات الإيرانية اتفاق الهدنة بحلب؟

ما بعد حلب... أو النصر الأسوأ من هزيمة

برهان غليون

ما بعد حلب... أو النصر الأسوأ من هزيمة
Link

يعتقد الأسد الذي لم يعرف السياسة، ولا تعامل بها في أي وقت، أن سقوط حلب يعني استعادة السيطرة على سورية، وفرض هيبته على الشعب، وتأكيد منطق القوة أو التفوق بالقوة الذي أقامت عليه جماعة الأسد حكمها منذ بداية تشكيل النظام. لا يهم مصدر القوة التي أسقط بها المدينة والشعب، ولا بأي ثمنٍ جاء. والحال أن إسقاط حلب، وهذا ما لن يتأخّر ظهوره، هو إعلانٌ عن نهايته المحتمة في الوقت ذاته. فبإصراره على تأكيد الغلبة العسكرية قطع على نفسه أي طريقٍ للتصالح مع الشعب الذي قوّض شروط وجوده، ونكل بأبنائه من دون حساب. وبمقدار ما حكم على نفسه بالبقاء في أسر القوى التي مكّنته من الانتصار، سيفقد بموازاة ترسيخ هذه القوى قواعد سيطرتها مبرّر بقائه، ويتحول إلى ورقة مساومةٍ سياسية. فلا يمكن لحاكمٍ أن يربح ضد شعبه الذي يفترض أن يستمد منه القوة والشرعية، وإذا حصل فسيكون ثمن ربحه أعلى من الخسارة، ونتيجته تسليم مفتاح ملكه لغيره. ولعل ما جعله ينسى ذلك، هو ومن كان وراءه ممن سيجلون عن السلطة بسرعة أكبر مما يتوقعونها، هو تخلفهم السياسي المذهل الذي جعلهم يتصوّرون أنفسهم ويتصرّفون كما لو كانوا ملاك عبيد، لهم على شعبهم حق الحياة والموت. وربما خدعتهم بعض مظاهر الاحتفاء التي تبديها قطاعاتٌ من الرأي العام التي تحاول، بالرقص على جثث الضحايا من أشقائها ومواطنيها، أن تكبح مشاعر القلق والخوف التي تجتاحها وتتقي بالتعبير الكاذب عن الفرح والانتصار المصير المشؤوم الذي تدرك بالحدس أنه ينتظرها.

ثمن الحسم العسكري ومضمونه 
في ما وراء تعبيره عن الارتهان للاستراتيجيات الاجنبية التي وقع أسيرها، يعكس الإصرار على إسقاط حلب التمسك، حتى النهاية، بمبدأ الحل العسكري، أي إبادة الخصم، والاستسلام النهائي لسياسة الهرب إلى الأمام التي أوصلته إلى قبول سياسة الإبادة الجماعية والمقامرة بمصير البلد نفسه. 
وهذه السياسة ذاتها التي مكّنت الأسد، ومن حوله، من تحقيق وعده بالانتقام من السوريين، وتكبيدهم خسائر غير مسبوقة، ثمن رفضهم التمديد له، كما كان ينتظر أو ينتظره المستفيدون من نظامه، هي نفسها الفخ الذي نصبه لنفسه، ونصبه له الإيرانيون الطامعون في السيطرة على بلده، مستغلين مشاعر الحقد والانتقام هذه. ولا يمكن إلا للجاهل والأحمق أن لا يدرك أن التهرب من الاستجابة لتطلعات السوريين السياسية والانسانية، والرد عليها بالعنف، أو الاعتقاد بإمكانية الإعدام السياسي المستمر للشعب السوري، لم يساهما في إيجاد الحل للأزمة المستمرة منذ عقود، وإنما بالعكس عملا على تفجيرها في سياق الثورات العربية، وعمّقا الشرخ بين الحكم والشعب، حتى لم يعد هناك خيار لأي طرف غير السلاح والعنف. كما أن هذه السياسة التي أوصلت البلاد إلى أكبر كارثة إنسانية هي نفسها التي دفعت إلى الارتماء على الأجنبي، وتعميق التدخلات الخارجية بطلب من الأطراف السورية، وقادت إلى تغيير طبيعة الدولة والمجتمع معاً، ودمرت عرى التواصل والتفاهم بين أبناء المجتمع الواحد، وهي تهدد اليوم بالتحول إلى حرب إبادةٍ متبادلةٍ على مستوى المنطقة بأكملها. 
يخطئ من يعتقد أنه سيكون هناك حل بعد الآن بالانتصار العسكري. بالعكس، تستخدم بعض 

الدول وهم الانتصار العسكري هذا، خصوصاً إيران، من أجل إطالة أمد الحرب، حتى تستطيع أن تكسب الوقت، لتحقيق التغيير الديمغرافي المنشود، وإقامة منطقة حروبٍ ونزاعاتٍ وفوضى دائمة، تمتد من بغداد حتى بيروت، تمكّنها من الحفاظ على نفوذها، وتحقيق هلال السيطرة الإيرانية الدائم.. فبمقدار ما عنى الرفض المبدئي للحل السياسي إدانة الشعب المطالب بالحرية بانعدام أي خيار آخر، سوى الخنوع وإعلان الاستسلام وقبول العبودية، قطع كل جسور التواصل، ودان الجميع، بالتصعيد المستمر واللامتناهي في العنف، وحول الصراع السياسي إلى حرب دفاعٍ عن الوجود، حتى لم يعد من الممكن لأي طرفٍ، النظام والشعب الثائر، أن يقبل التراجع، من دون أن يعلن نهايته ويشهد هلاكه. هذا الطريق المسدود الذي وضع فيه النظام الأزمة هو تماما ما يعبّر عنه شعار حماية الشعب والدولة ضد الاٍرهاب والمؤامرة الأجنبية الذي رفعه النظام، وشعار "الموت ولا المذلة" الذي يعبر عن الاستعداد للموت وعدم التسليم ثانية بالعبودية أو التفاهم أو التصالح معها الذي رفعه الشعب. لذلك، ما كان من الممكن إلا أن نسير في الصراع السوري نحو تصعيدٍ من دون حدود في العنف، على مستوى الخطاب والممارسة والحرب، حتى انتهينا إلى حرب التدمير المتبادل، فالطغيان كالحرية لا يتجزّآن. ولا يمكن أن يكون هناك نصف طغيان، ولا أن تكون هناك نصف عبودية، فالسلطة إما أن تكون تمثيليةً أو أن تكون مفروضة بالقوة، والفرد إما أن يكون حرّا أو مسلوب الإرادة، ولا يمكن أن يكون هناك فرد نصف حر ونصف عبد. 
في هذه الحرب الذي حوّلها النظام إلى حرب وجود له كنظام، ومن ثم حرب وجود للشعب الثائر عليه، ما كان من الممكن للعنف إلا أن يتجه نحو حدوده القصوى، وأن يتحوّل الدمار والقتل بالجملة، وأعمال الإبادة المادية والسياسية للجماعات والطوائف والقوميات إلى حالةٍ عاديةٍ، تكاد تكون اليوم مقبولةً من الجميع، وتتم تحت إشراف ونظر الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي الإنسانية والحقوقية وبرعايتها. وكان من المنطقي أيضاً أن نفقد الخيارات جميعاً، كما لم يكن هناك مجال أن لا تتحول إلى حروب بالوكالة، وأن يُسلَّم القرار فيها للدول والقوى الخارجية، على مستوى النظام الذي أصبح كالخاتم في يد الدول المنتدبة والوصية عليه. وعلى مستوى المعارضات التي تتنازع على الحمايات الخارجية، بينما تفتح الفوضى والخراب السياسي والقانوني الباب على مصراعيه، لنمو المنظمات الإرهابية، الخارجة على القانون والنظام والمجتمع الدوليين، حتى توهمت أنها قادرة على بناء دولتها الخاصة، بل لبس عباءة الخلافة الإسلامية كاملة أو استعادتها. 
لن يمكن لأي حكم أو نظام أو سلطة أن تستقر وتنجح في امتصاص النتائج المدمرة لهذه الحرب الظالمة الطويلة ضد الشعب السوري، بالاستمرار في إنكار حقيقة الثورة التي قام بها الشعب، ومن دون الرد الواضح والمباشر على مطالبها السياسية والأخلاقية والقانونية المتعلقة بالعدالة. لذلك، بعكس ما يتصوّره مهندسوه الروس والإيرانيون، قد يساعد سقوط حلب أو إسقاطها على تعزيز سيطرتهما المشتركة في سورية، وتحكمهما بالنظام، لكنه لن يفضي إلى أي حل. بالعكس، يعلن هذا النصر الذي تحقق على يد المليشيات الطائفية العراقية، وفي مقدمها مليشيا النجباء التي تخوض في وعيها حرباً دينيةً وطائفيةً وإحلاليةً في الوقت نفسه، نهاية

الحلول السياسية وبدء مرحلةٍ جديدة من الحروب والصراعات والفوضى التي لن تقتصر على القوى المتنازعة اليوم وحدها، وتطرح أسئلةً كبيرةً على أسياد سورية الممزقة والمدمرة اليوم، لا يمكن لهم، ولن يستطيعوا الإجابة عنها، بتغييب السوريين واغتيالهم السياسي وتشريد الجزء الأكبر منهم. فلا يعرف أحد اليوم إلى من ستؤول ملكية حلب من بين المليشيات المذهبية، ومن سيرفع راياته، ويثأر فيها للحسين، ومن سيعلن دولة الخلافة ونصرتها، وأي صورةٍ ستعلق على جدران أوابدها، من بين صور قادة المسيرة الخلاصية والكارثية، الخميني وخامنئي أو بوتين أو الأسد أو البغدادي أم غيرهم من المرشحين الكثيرين. كما لن تطمئن السوريين أكثر على مصيرهم ومستقبل بلدهم وتمكنهم من معرفة ما إذا كانوا سيظفرون، في النهاية، بوطنٍ أم سيبقون مشرّدين، بمن فيهم من يعيشون داخل أسوار معازلهم وجدران الإمارات الحربية السورية والأجنبية المتوالدة في ارضهم. 
باختصار. لا يمكن للسياسة التي قادت إلى تفجير أكبر كارثة إنسانية في العصر، وجعلت من احتجاجات شعبية عادية حرباً متعدّدة الأطراف والأبعاد والرهانات، داخلية وإقليمية ودولية، في الوقت نفسه، أن تكون هي ذاتها الأساس لإعادة بناء سورية الواحدة والآمنة والمتضامنة والحرة والمستقلة. 

لماذا لا يمكن للأسد أن يربح الحرب؟ 
سقوط حلب هو الإعلان عن نهاية سورية القديمة، معارضةً وحكومةً ونظاما وشعبا ودولةً، بمقدار ما هو نهاية الحلول السياسية، فسورية اليوم ركام من الأنقاض تنتظر من يزيلها، سورية الأسد وما بعده، سورية الحرب وتدخلات الدول الأجنبية وإرهاب الدولة وإرهاب الدين. وَمِمَّا إنه لن يكون من الممكن إعادة بناء الدولة بتكريس منطق الانحراف والجريمة، ولا إعمارها بسحق شعبها وإخراجه منها، لا يمكن كذلك إعادة جمعها وبنائها على شذرات أفكار وتجمعات وروابط محلولة. وتستهزئ الطغمة السورية ورعاتها من الصحفيين والمثقفين والسياسيين بأنفسهم، عندما يعتقدون أنهم يستطيعون فرض الخنوع على الشعب، وإعادة احتوائه بتوزيع بعض المناصب السياسية على المعارضة. أولاً، لأن السوريين جميعا، معارضين وموالين، فقدوا في مخاض الثورة العنيف والقاسي روح العبودية التي شلتهم في الماضي. وثانياً، لأن أحداً من غير المتورطين في الجريمة لن يقبل أن يكون شريكاً في المسؤولية عنها، وهي جريمة اغتيال شعب وتدمير شروط وجوده ورهن وطنه للأجنبي، لا يمكن غفرانها أو تجاوزها. وثالثاً، لأن أي سوري يحترم نفسه لن يقبل أن يكون عميلاً لسلطة الوصاية الأجنبية الذي يفخر بالإعلان عنها كل يوم المسؤولون الإيرانيون. 


بالعكس، سيكتشف النظام بشكل أكبر في المستقبل أن إسقاط حلب كان نصراً فارغاً ربما أسوأ بكثير في مآلاته من الهزيمة، وأنه جاء ليؤكد تهافت النظام، وعجزه الولادي عن ممارسة السياسة أو دخولها. وبالتالي، عن التطبع والتطبيع، والخروج من صفة الاستثناء وحالة الطوارئ والحرب الدائمة. وهو يعبر أكثر عن إصراره على الانتحار مما يشير إلى انبعاثه. وبدل أن يساعده كما يعتقد على الرد على تحدي وجوده، سوف يدفعه بشكل أكبر إلى الموت تحت ركام المشكلات والنزاعات والتناقضات العميقة التي تنخر وجوده، والرد على التحديات الهائلة التي تواجهه، وفي مقدمها تغوّل الدول الأجنبية التي أصبحت حاميته، وتعدّد المليشيات المذهبية والقومية المنظمة والمدربة والممولة من الخارج، واستباحة الدولة من مختلف القوى والشبكات. لن يسمح مثل هذا الوضع ببناء دولةٍ ولا جيش، وليس من مصلحة أحد فيه أن يعود إلى فكرة الجيش الوطني، ولا حتى إصلاح الإدارة المدنية. فمن دون تسويةٍ سياسيةٍ، لن يكون أمامه خيار آخر سوى الاستمرار في استباحة الدولة ومؤسساتها، والمراهنة على تعبئة المليشيات الطائفية الأجنبية والمحلية، للحفاظ على السيطرة، وبالتالي، خيار الحرب الدائمة، كما هو العراق اليوم. 


وبالمثل، لن يكون من الممكن إعادة بناء الدولة، وتحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار من 

دون مصالحة وطنية، وإحياء روح العدالة التي يحتاج إليها تطمين الناس على حياتها وحقوقها، وتجنب ما حصل في العراق، ولا يزال يحصل منذ حرب عام 2003. ثم كيف يمكن، من دون تسوية سياسية وتفاهمات دولية وإقليمية، معالجة مسائل كبرى، مثل مسألة المليشيات الأجنبية التي يزيد عدد من يعمل منها مع النظام وحده عن 66 مليشيا، وتتنازع على اقتسام الغنائم في حلب وغيرها، إضافة إلى المليشيات الجهادية الدولية وفصائل المعارضة المسلحة؟ وكيف يمكن من دونها أيضا مواجهة مشكلة ملايين اللاجئين وإعادة توطينهم في بلدهم، بينما يعتقد بشار الأسد أن رحيلهم قد حسّن من النسيج الاجتماعي السوري؟ 

لن يكون هناك أي أملٍ في إعادة الإعمار، الذي تقدر تكاليفه بـ 300 مليار دولار، من دون تعبئة رجال الأعمال السوريين، وتعاون الدول الإقليمية والعالمية، وتغيير قواعد العمل السياسية وضمان الاستقرار والأمن والسلام وإمكانية استعادة رأس المال. وحتى أكثر الدول تساهلاً، لن تقبل المساهمة في استثمار مئات ملايين الدولارات خدمة للأسد وحلفائه، ودعماً لنظام يقوم على العنف وحكم المليشيات، ويفتقر لكل مقومات النظام السياسي والحكم القانوني والعدالة، عدا عن أنه متهم، وربما ملاحقٌ دوليا غداً، بقتل مئات الألوف من شعبه، وتشريد نصف سكان بلده، والتسبب في إعاقة دائمة أو شبه دائمة لأكثر من مليوني إنسان. ويحلم أنصار النظام ومشجعوه على القتل والاستمرار في الجريمة وإنكار وجود الشعب، عندما يعتقدون أنه من الممكن له أن يستعيد علاقاته الدولية، ويكسب ثقة الحكومات وتعاونها، لمجرد تلويحه، كما بدأ يفعل مجدّدا، بخطر المنظمات الإرهابية، بعد أن ثبتت عليه تهم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. 

تحرّر الثورة من أوهامها وقيودها 
لولا الخوف من سقوط المزيد من الضحايا، بسبب استمرار الحرب، لقلت إنه من حسن الحظ أن النظام رفض التسوية، وتبع نصائح طهران التي لا تهتم بمصيره، لا فرداً ولا نظاماً، إلا 

بمقدار ما يمكّنها من الاستمرار في تحقيق مشروعها الإمبرطوري، فقد كان من شأن التسوية أن تريحه، وربما تمدّد في أجل بقائه أكثر، نظراً لضعف المعارضة التي نشأت في حضن نظام الموت والتعقيم الفكري والسياسي والأخلاقي، والتي لا تزال، منذ أربع سنوات متواصلة، في موقف الدفاع البسيط عن نفسها ووجودها، ولم يعد لديها أي قدرة على التقدم، لا على المستوى السياسي لتوحيد المزيد من السوريين وتنظيمهم، لاجتراح معجزة إسقاط النظام بالقوة وبناء نظام جديد مكانه، ولا على المستوى العسكري الذي أغلق أفقه تغوّل التيارات الجهادية الأصولية المتطرّفة عليه، ومصادرتها ثورة الشعب، ووضعها في طريق مسدود على الصعيدين، الوطني والدولي معا. 
ولذلك، بمقدار ما يشكل سقوط حلب نكسةً للمعارضة، يمكن أن يكون فرصةً لإعادة تأسيسها. وهو يوجه، بهذا المعنى، تحدياتٍ لا تقل خطورة للمعارضة التي أضاعت هويتها، قبل أن تصادرها القوى الأجنبية والدولية. ولن تستطيع أن ترد عليها، وتخرج من عجزها وضعفها، من دون ثورة داخل الثورة، أي ثورة على نفسها. والواقع أن جزءاً كبيرا من أسباب تعقد الأزمة السورية هو أن إنهاك النظام وسقوطه الفعلي أواخر 2012 لم يجد جوابه في معارضةٍ قادرةٍ على تشكيل البديل المقنع للشعب، أو للقوى الدولية المعنية بالشأنين، السوري والإقليمي. ولذلك، قبل الإعمار العمراني والمادي، يحتاج الخروج من المأزق والحرب الدائمة التي فرضها النظام وحماته إلى ثورةٍ، محورها إعادة البناء السياسي والفكري والأخلاقي داخل صفوف المعارضة وقوى الثورة والشعب معا، وهو ما يستدعي تشكيل أو ولادة نخبةٍ جديدةٍ من قلب الشعب، لا في سوق السياسة الزائفة، أي من قلب المعاناة ومن خلالها، نخبة لم تتعوّد الكذب والغش والبحث عن المنافع الفردية والمصالح الخاصة، ولم تترعرع في حجر نظام المحسوبية والزبونية والمراءاة، نظام الأسد الأب والابن وإمارته الشخصية أو مزرعته التي أصبحت تسمى دولة الأسد. 
ونحن نشهد اليوم بالفعل، في موازاة موت قوى الثورة والمعارضة القديمة التي أضاعت هويتها، واختلطت أوراقها بالإرهاب والتطرف الديني والمذهبي، من بين ثنايا القوى المتهاوية في "الائتلاف" والفصائل المتعبة، وغيرها، وعلى أنقاضها، ولادة معارضةٍ جديدةٍ مختلفةٍ تماما، تخرج من تحت الأنقاض، ومن شقوقها وفي فراغاتها. هكذا نشهد بداية حواراتٍ جادة بين السوريين، لم يكن من الممكن سماعها من قبل أبدا، وانبثاق روح محركةٍ لوطنية جامحة، تركز على محبة البلد والأرض والتمسك بوحدتها وتنوعها وتاريخها. 
على الرغم من الكارثة الإنسانية التي رافقته، يمكن لسقوط حلب الذي يخشى أن يكون مقدمة لحسم مصير ثورة الحرية والكرامة أن يكون بالعكس مناسبةً وشرطاً للخروج من الحصار الذي ضربته الثورة على نفسها في حلب، وفي سورية كلها، حصار عسكري بالتأكيد، ولكن أهم من ذلك سياسي وفكري وأخلاقي. والفرصة الأخيرة لتحرير الثورة من الاختناق وإخراجها من الأنفاق والطرق المسدودة التي سيقت إليها، وتحريرها من القيود والأنشوطات التي وضعتها معارضاتٌ ضعيفةٌ وعاجزة في عنقها، وكبلت بها يديها وأقدامها، وجعلتها تراوح في مكانها